وكان ذلك لكون هذه النصوص الأدبية غير خارجة من الحدود المسموحة للأدب، وكلما خرجت نصوص أدبية من هذه الحدود المرسومة استدركوها وحكموا عليها بحكم الإسلام كما ظهر من سيدنا عمر بن الخطاب نفسه لما ثبت لديه أن الحطيئة(4) أساء إلى سمعة الصحابي الجيل الزبرقان بن بدر(5) بهجائه له، ولم يكن يجوز له ذلك، لأن الزبرقان بن بدر لم يظلمه ولم يبخس حقه ولا أساء إليه؛ بل إنما كان أمره أن قرأه للشاعر لم يبلغ مبلغ رضاه ورغبته، وكان الحطيئة يقوم بمثل هذه الإساءة إلى كرامة الناس بصورة عامة ومتكررة، فعاتبه سيدنا عمر بن الخطاب معاقبة صدت شره من وصوله إلى الناس، ثم أطلق سراحه بعد فترة من الزمن بعد توبته من قول السوء(6)، وشهد بذلك أيضًا ما وقع بين الشاعر الكبير جرير(7) والخليفة المسلم سيدنا عمر بن عبد العزيز.