فموضع الاختلاف بين الأدب الإسلامي وغيره من أجناس الأدب هو في رعاية مصلحة الحياة الإنسانية وعدم رعايتها، حيث إن الأدب الإسلامي يرى مجالات العمل في الكون والحياة، ويميز بين اللائق بإنسانية الإنسان وغير اللائق بها، فهو أدب ملتزم في هذا المعنى؛ ولكنه ملتزم بالمفيد الصالح لا بالجمود والتقليد، أما الأدب غير الإسلامي فهو لا يبالي بمجالات العمل في الكون والحياة، يدخل في كل مكان مثل البهيمة الهاملة ترعى فيما تشاء، ولا تفرق بين الصافي والعفن، والطيب والخبيث، ولا تبالي بالفرق بين المراعي الفائحة والقاذورات النتنة. الأدب الإسلامي لا يحب هتك العورات ولا إثارة المزابل إلا في نطاق هادف محدود، أما الأدب غير الإسلامي فلا يبالي أين وقع وماذا أفسد؛ بل إنه حينما يجرد نفسه من الالتزام يرى أحب مجالات عمله كل صورة مثيرة للعواطف وكلَّ معنى يغذِّي النزوات مهما أتى به في إثره من فساد وانهيار. الأدب الإسلامي يتلقّى روحَه وهدايته من الإسلام، ومن حياة نبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم)، والأدب غير الإسلامي يتلقّى روحَه وإرشاده من هوى الإنسان وحياة كل هائم من الحيوان، وليس صحيحًا أن الأدب بعد التزامه بالإسلام يصبح محدودًا وقاصرًا ؛ لأننا حينما نشطب جانب الفساد والقبح من الحياة فالذي يبقى بعده في الأدب هو واسع وكثير متنوع الجوانب ومختلف الصور والأشكال، ولن يشعر الممارس له والمستفيد به أي قصور فيه لقضاء حاجته من الأدب بل إنما يجده بخدمة في كل ما يعينه في حياته .