.بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم .
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
إخواني الكرام أدام الله عليكم نعمة الصحة والسلامة
أول مشاركتي في هذا المنتدى الراقي سأتطرق فيها بإذن الله تعالى الى أسباب العلاقات السيئة التي أصبحت تربط بين الناس في هذا الزمان .
أطرح بين يديكم ماجادت به قريحتي من كلمات وأنتزعه القلم من هيب الذاكرة
عملي المتواضع بين أيديكم
والله الموفق والمستعان .
إن المتأمل في حياة الناس ليأخذه العجب من الجفاء والغلظة التي يعاملون بهما بعضهما البعض منهم من يضجر من غيره دون سبب واضح أما التأفف والسب في المشاحنات اليومية فهي شيئا مألوفا بعد إعتياده من طرف الجميع إضافة الى النزرفة لأتفه الأسباب بما لايقاس الى ماكان يثور لسببه الناس في الماضي .
كما أن الحقد والبغض يملأن القلوب ويرتسمان على المحيا عند جل الناس إلا من رحم ربي نتيجة التمسك الشديد بحطام الدنيا الزائل.
في حين نجد غياب الضحك والابتسامة إلا فيما نذر فالتجهم والوجوه العابسة تقابلك أين ما وليت وجهتك بين مجامع الناس ناهيك عن غياب البشاشة ماعدا في المناسبات أو الأعياد والمفاجات السارة أما في الأوقات الإعتيادية فلن تصادفك إلا لسبب معين .
فما السبب في نذرة الضحك وإرتفاع حالات العبوس لدى الغالبية العظمى من الناس ؟
تلعب التربية التي يتلقاها الشخص في صغره دورا مهما في إكتساب الطبع الذي وجد عليه أبويه لكن ألا يمكن البحث عن أسباب أخرى للمشكل .
لعل المتتبع للحالة النفسية لأغلب الناس في هذا الزمان ليجد أن التجهم الذي أضحى ظاهرة ملازمة لجلهم من سمات العصر الحالي حيث توفرت كل الضروريات والكماليات بما يزيد عن الحاجة مما أفقدهم لذتها ناهيك عن التطور المذهل الذي أعفاهم من الجهد الكثير
وأدخلهم في مرحلة من العجز جعلهم لايتذوقون معنى للحياة وصارت السرعة تفعل فعلها في كل شيء والسباق المحموم مع الزمن لايتوقف كما كثرت الهموم والوساوس والتخوف من المستقبل والإرتجالية في حياتهم تبدو واضحة للعيان فلا ترى كل شخص إلا وهو مهرول في كافة أعماله .
كل هذا جعلهم يعانون من فراغ روحي نتيجة الطغيان المادي للحياة حيث أن الإنسان الحالي يحفه التطور المتسارع مما ساهم في تغيير نمط عيشه وعلاقاته مع الأخرين حتى أصبح إنعزاليا بعدما أفقدته الحضارة الحالية نمطه الإجتماعي وجعلته لايرى إلا نفسه فقط دون إحساس بغيره فزادت حدة التنافر بين الأشخاص حتى تغيرت الملامح من شدة التجهم وأصبح الخوف وعدم الأمان هو الطاغي على حياتهم .
لذلك أصبح الانسان متذبذبا بين المد الذي تغزوه به الحياة المعاصرة والجزر يشده إلى ماض يحن إليه كلما صادفته المشاكل يتمنى لو عاد الزمن للوراء بعدما فقد طعم الحياة حيث أصابه العبس نتيجة إنسلاخه من بيئته الأجتماعية وصار يعيش حياة فردية يغلب عليها حب ذاته وزهده في الأخرين .
في سالف الأزمان كان الناس يعيشون شظف العيش وقساوة الزمن فالحياة شاقة بما لايقاس ليومنا هذا ومع ذلك تجد الإنسان متفائلا وأكثر ضحكا وأشد صبرا وتحملا للظروف الصعبة ناهيك عن القوة البدنية الشديدة فمنهم من كان يسافر من المشرق نحو المغرب على دابة فقط تتطلب منه أشهر أو حتى سنوات أما اليوم فقد توفر كل مايحتاجه الناس في حياتهم ومع ذلك زاد نفورهم من بعضهم البعض وتجهموا فيما بينهم حتى أصبح الوجه العبوس أهم ملامح زماننا.